من خلال عمر ناهز 70 عاما – كانت العين والأذن والوجدان .. تلتقط ما تلتقطه من الحياة .. بحلوها ومرها – سموها .. وانحطاطها .. وأشكر الظروف التى مرت بى وخاصة أثناء خدمتى بالقوات المسلحة .. على أنى طويت الصحارى واخترقت الجبال وغصت فى البحار وشققت السحاب. لكن الأهم أنه خلال عملى فى مراحل خدمة القوات المسلحة ومرحلة الحياة المدنية أنى تعاملت مع أكبر كم من البشر وذلك كقيادة ومدرب وخاصة فى مدرسة الصاعقة أو كمربٍ لأجيال فى سلسلة مدارس رجاك التى أنشأتها – فشعرت أنى .. طويت واخترقت وغصت وتوغلت داخل النفس البشرية .. مما أعطانى القليل عن هذه الطبيعة البشـرية – التى وجدت أنه من الواجب أن أسجلها .. عسى أن يستفيد منها من هم بعدى فى الحياة فى سلسلة موضوعات إنسانيات أبدأها بهذا الكتاب ومنها الإنسان بين .. النظرية .. والتطبيق – القيمة والقدوة – العمر الحقيقى .. والعمر الإنجازى. وهذا رأى شخصى .. معرض للصواب والخطأ.

أن هذه الخواطر ليست تخيلات ... أو روىء للمستقبل - بل انها واقع يخشى عليه من المستقبل .. وفى نفس الوقت واقع مرتبط بالماضى والجذور.
قد يكون جرس إنذار .. او أذان من منبر الغيرة على هذا الوطن الحبيب.
عسى أن يسمع هذا الجرس ذو السمع البليد او يملاأ الآذان .. ذات الوجدان المريض.

أن لهذة المقدمة معزة خاصة الي قلبي ووجداني و لهذا أحرص علي تكرارها في كتاباتي دائما . من المعروف ان الرباعيات هي أصعب أنواع الشعر كتابة .. حيث مطلوب من الشاعر أن يعطي الفكرة أو الموضوع في الشعر بإنجاز شديد .. مكون من أربع أسطر فقط . و تكون الجملة في السطر الخامس هي عبارة عن تعليق علي الفكرة عامة . فأحيانا تكون الفكرة أو الموضوع هو تلخيص لكتاب كامل أو مذهب لمفكر أو أديب و ذلك في رباعية واحدة . لذا نجد أن كل رباعية مختلفة عن الأخري .. و لكن تشترك كل عشرين رباعية في قافية واحدة بالنسبة للتعليق.

هذا الكتاب ليس تأليفا لفكرة أو بحثًا لموضوع ولكن كان حلما لجيل حاول تحقيق هذا الحلم، ولكن ارتدت هذه الأحلام للخلف وتجمدت بعضها فترة ثم ذابت فى نهر النسيان. أسجلها فى كتاب .. قد تقرأه أجيال بعدنا – وقد تجد الوقت المناسب لتحقيق تلك الأحلام. إذا كانت مناسبة لعصرهم - ولكن ستظل هذه الأفكار تحـلق فى الفضـاء لتنقض فى الوقت المناسب.

كتابة الشعر فى صورة رباعيات .. تعتبر من اشق أنواع الكتابة الشعرية. حيث أن عدد الأسطر المكتوبة وهى أربعة أسطر فقط .. لا تسمح بحرية التعبير والأبحار فيه .. حيث أن الرباعية لها أستقلالية فكرية وموضوعية عن التى يليها أو قبلها. ومع قرآتى المتواضعة فى الشعر القديم والحديث لم أجد إلا رباعيات مترجمة من الفارسية وهى رباعيات الخيام والتى ترجمها أمثال الشعراء محمد السباعى – وعبد الله البستانى – وأحمد رامى وإلا أنه وجود هذا النوع من الشعر سواء فى صورة رباعية أو خماسية أو ثلاثية .. حسب القافيه موجود فى شعر الرواه وهى جمل شعرية نلقى من الرواه فى سياق الموضوع الذى يناوله الراوى.

هذا الكتاب وأى كتاب ما هو إلا كلمة .. ويقاس قيمته بقيمة الكلمة. إن الكلمة بقدر ما فيها من آيات ففيها أيضاً النقيض من السيئات .. فبمثل ما فيها من رفعة وكمال .. بقدر ما فيها من إسفاف وهبوط. الكلمة قيمتها لا تقل عن أكبر مخلوقات الله من المجرات والشموس والرياح .. والبرد والحرور. إن الله عندما أراد أن يكرم نبيه موسى .. كلَّمه تكليمًا وعندما أراد خلق عيسى .. ألقى بكلمته إلى البتول وعندما أنزل رسالته على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- أوحى بأول أمر وهى الكلمة فى صيغة اقرأ. أرجو أن تقرأ المقدمة ثانية .. وارجع الكر .. عسى! وهنا أبدأ كتابى .. بـ .. قصيدة كلمة.

فى حياة كل إنسان ما يسمى بالنواصى فى حياته.. أو أهم الأعمال والتى تعتبر ابتكار جديد فى مجاله .. رغم صغر هذا الشىء .. إلا أنه يؤثر فى الحياة العامة ومصلحة العمل نفسه -وهى ليست من الأعمال القتالية ولكنها تخدم الأعمال القتالية قد تخلد بذهن القارئ الأشياء المهمة والتى تم سردها فى كتابى هذا – ولكنى أحب أن القى الضوء على الأشياء التى قد تمر على القارئ دون أن يلتفت إليها – قد تكون أشياء بسيطة الآن ولكنها كانت فى وقتها لها قيمتها.

إلى جيل وقف محاولا وجاهدا فى مواجهة الأخطار التى هبت على أوطاننا. إليه .. بإيجابياته وسلبياته فى جهاده قبل أن يُستنحر أو يموت .. رغم أنه مازال يتنفس. أهدى هذه الحدوتة .. أو هذه السيرة العرباوية .. مثلها مثل السيرة الهلالية .. أو أدهم الشرقاوى .. ولكن الفارق مع التشبيه.

أهدى كتابى هذا إلى روح كُتابنـا العظماء أمثال نجيب محفوظ ويحيى حقى .. وغيرهم والذين أرَّخوا للنصف الأول من القرن العشرين فى روايات مشوقة للقارئ العربى.

ولكنى أحسـدهم على أنهم وجدوا مادة غنية بالقيم والمبادئ لتسجيل هذه الحقبة من الزمن لمصر .. ففى المجال الاجتماعى وجدوا الأسرة بشكلها المتماسك العريق.

وفى بناء الاقتصاد القومى والسياسة كانت هناك الرموز المشرفة.

ضل راجل ولا ضل حيطة ... هذا مثل قديم - وإن كان يبدو أن هذا المثل قبل أيام أن كانت الحوائط تبنى بالطوب النيىء .. وقبل أن يظهر الاسمنت والحوائط المسلحة ... وأيام أن كانت الرجال هى المسلحة بالقيم والمبادىء.
وفى ظل بحث المرأة عن الامان وتحقيق الذات .. فقد تغيرت المفاهيم والسلوكيات .. وخاصة فى ظروف عدم القناعة .
فالقناعة ليس لها حدود او حوائط إذا كان لها سقف ... وليس لها سقف إذا كان لها حدود أو حوائط

أهدى هذا البحث إلى الصحافة المصریة متمثله فى روح المرحوم الشهید (وجیه أبو ذكرى) الصحفى المرموق والذى لازمني بعد معركة ٦٧ فى تكوین منظمة سیناء العربیة والتى تبنت المخاب ا رت الحربیة هذه المنظمة التى لم تبرد ماسورة سلاحها بدایة من بعد معركة ٦٧ وطوال معارك الاستن ا زف حتى معركة ١٩٧٣ م. وبدأ بعدها السلام المزعوم والانفتاح المشبوه .. إلا إن (وجیه) لم یترك الخندق وظل یقاتل ویحقق النصر شاه ا ر سن قلمه تاره فى خندق محاربه مافیا التعویضات وتارة فى وجه نواب المخد ا رت وأخرى مع تجار الأعضاء البشریة وغیره، غیره .. إلى أن استشهد ممسكا بقلمه فى وجه كل فاسد ومفسد.

إلى كل شهيد انبدرت دماؤه فى سيناء لتحريرها حتى آخر حبة رمل فيها ومازال حتى الآن ينض م لنا أبطال فى سج ل الشهداء للدفاع عنها وكأن سيناء لا ترضى بغير دمائنا حتى نعمرها.